فن الخط وتارِيخه
نشأ الخط العربي في شمال جزيرة العرب
ويُقال بأن مولدة في دومة الجندل
تأثر من خطوط كانت سائدة في
أراضي الحيرة والأنبار
كانتا أم مراكز انبعاث تعليم الكتابة الخطِّية
وبالأخص الكتابة في الجزيرة العربية
انتقل ندوة أم القرى (مكة المكرمة)
وأراضي يثرب (المدينة المنورة) طيبة
ثم عكاظ ثقيف بالطائف فليمن
أهتم عرب الجاهلية (قبل الإسلام) بالكتابة
دونت لهم العقود والعهود والوثائق
دونت أهم معلقات الشعر الجاهلي
دونت شؤون آدابهم وأشعارهم وأنسابهم
لم يكونوا (أُميَّة) بمعنى جهل القراءة والكتابة
نُزول القرآن الكريم بلسان عربي عمّق صفوها
وأصل فصاحتهم البليغة بالقدرة على حمل الرسالة
رسالة التوحيد وتبليغها لكافة البشر !!
عندما دخلت الكتابة أرض الحِجاز
بدأ انتشار الكتابة في مكة أولاً
تعلّمه رجال أصبحوا من كبار الصحابة
وتوالت عمليات التحديَث له
وأجريت لها تعديلات لتتناسب مع
كتابة (القرآن الكريم) مباشرة
بعد نزوله من الوحْي
كان النبيّ صلَّى الله عليه وسلم
يأمر بحفظه وهو يُمْلِيهِ عليهم فتدوينه
في الكتابة واعتنوا في التَّدوين وأتقنوا كتابته
"إكراماً وإجلالاً للكلام المُنَزَّل من ربِّ العالمين"
صارت أسلوب الخط المكي أجود
وشكل مُعَدّل وحروف أكثر تطوّراً
أصبح لهذا للخط العربي شرف أكبر
لغة دوّنت (القرآن الكريم) فحفظها
عندما أسس عمر بن الخطاب
مدينة الكوفة سنة 18هـ
انتقل النشاط السياسي هناك
ثم إلى البصرة فكثُرت الكتابة
وتزايدت أنشطتها وتعالت الحاجة إليها
أصبحت الكتابة صنعةً يحترفها متذوق التَّنْميق
وتغيرت الخطوط عمّا كانت عليه !!
من الكوفة، ومن البصرة،، تم إطلاق أسم
الخطّ المكيّ على ما كانوا يكتبونه في مكة
والخطَّ الحجازيّ والمدني على ما ألفوه فيهما آنذاك
مسيرة الخط العربي تُصوِر تاريخ المسلمين تُبيّن امتداد وتشعب مراحل عاشتها الرسالة
فترات تاريخها المتواصل بالزمان والمكان
يُمثِّل الخط العربي ركيزة الفنون الإسلامية
قبل فنون العمارة الإسلامية وقبل المنمنمات
وقبل المقرنصات وقبل فن التجليد وصناعته
وقبل فنون الصياغة واشغال المعادن المينا
والتزجيج والنسيج والخزفيات والسجاد
بدايةً سُمِّيت الكتابة الحجازية
التي نالت كثيرًا من العناية
وتوالت تسميات كل خط
في الكوفة سُمّيت بالخطّ الكوفيّ
في البصرة سُمّيت بالخطّ البصريّ
ثم أُطلق الخطّ الكوفيّ على
الخطّ الكوفيّ أو البصريّ
كانت الكتابة تستخدم لأغراض مختلفة
من هذا المنطلق جاءت الحاجة إلى وظائف الخط
(نساخ) (دَّواوين) (تأليف) (مُراسلات) (حريم) ،،
حاجة تلبية وتطوّر الكتابة لهذه الأغراض وغيرها
كتابة ليّنة مُخففة (أكثر من قبل)
تمت تسميتها فيما بعد بالكتابة الليّنة
في خط التحرير أو خط نسخ الكتب
كانت بداية الكتابة على الأحجار
وعلى الجدران ومحاريب المساجد
أمور جعلت الكتابة اللينة غير صالحة لذلك
فتم إتخاذ طابعاً مختلفا عن الكتابة الليّنة
فرضته طبيعة تنفيذه فسُمّي: بالخط الجاف
(الخط اليابس) أو (الخط التّذكاري)
ظلت صوره تُحفر في مواد صلبة
من خشب المنابر ونحاس الأواني
وأحجار وجدران،، وغيره
كانت المصاحف تحتاج في كتابتها
إلى عناية فائقة ورعاية ترفع قدرَها
تناسب مكانتها في قلب المسلم
لهذا كُتِبَت ما بين الليّن واليابس
أخذت من الليّن مرونتَه ومن اليابس هيبته
"وسُمّي ذلك الخطّ بالخطّ المصحفي
وهكذا وجدنا الخطّ سُمِّيَ في البداية:
مكيًّا ثم حجازيًّا ثم كُوفيًّا
وانقسم الكوفيّ إلى لين مقور
ويابس مبسوط ووسط بينهما
وسُمي الوسط الخّط المصحفيّ
وظل هو الخط المفضل لكتابة المصحف
مدة ثلاثة قرون" مرجع: حنين الجزائرية
سيطر أسلوبين رئيسيين على فن الكتابة
في العالم الإسلامي:
1- الأسلوب الجاف
حروفه مستقيمة ذات زوايا حادة
وأشهر خطوطه الخط الكوفي
2- الأسلوب اللين، حروفه مقوسة
وأشهر خطوطه خط النسخ
انواع الخطوط:
الكوفي:
من أجود الخطوط
شكلا ومنظراً وتنسيقاً وتنظيماً
فأشكال الحروف فيه متشابهة
وزاد من حلاوته وجماله
أن تزين بالتنقيط
وقد بدأت كتابته من القرن الثاني الهجري
ثم ابتكر الفرس الخط الكوفي الإيراني
وهو نوع من الخط الكوفي العباسي
تظهر فيه المدات أكثر وضوحًا
ثم ظهر الخط الكوفي المزهر
وفيه تزدان الحروف بمراوح نخيلية
تشبه زخارف التوريق
وشاع استعمال هذا النوع في إيران في عهد السلاجقة
وفي مصر في العهد الفاطمي
خط النسخ:
وضع قواعده الوزير ابن مقلة
وأُطلق عليه النسخ
لكثرة استعماله في نسخ الكتب ونقلها
لأنه يساعد الكاتب
على السير بقلمه بسرعة أكثر من غيره
ثم كتبت به المصاحف
في العصور الوسطى الإسلامية
وامتاز بإيضاح الحروف
وإظهار جمالها وروعتها
الثلث:
من أروع الخطوط منظرا وجمالاً
وأصعبها كتابة وإتقانا
يمتاز عن غيره بكثرة المرونة
إذ تتعدد أشكال معظم الحروف فيه
لذلك يمكن كتابة جملة واحدة
عدة مرات بأشكال مختلفة
ويطمس أحيانا شكل الميم للتجميل
ويقل استعمال هذا النوع في كتابة المصاحف
ويقتصر على العناوين
وبعض الآيات والجمل لصعوبة كتابته
ولأنه يأخذ وقتاً طويلاً في الكتابة.
المصحفي:
كتبت المصاحف بحروف خط الثلث
وبعد العناية والاهتمام به
وتجويده سُمي بالمحقق
ثم تطورت الكتابة لتكون على صورة أخرى
سميت بالخط المصحفي جمعت بين خط النسخ والثلث
الديواني:
خط رسمي كان يستخدم في كتاب الدواوين
وكان سرًا من أسرار القصور السلطانية
في عهد الخلافة العثمانية
ثم انتشر بعد ذلك
وتوجد في كتابته مذاهب كثيرة
ويمتاز بأنه يكتب على سطر واحد
وله مرونة في كتابة جميع حروفه
الأندلسي - المغربي:
مشتق من الكوفي
كان يسمى خط القيروان
نسبة إلى القيروان عاصمة المغرب
نجده في نسخ القرآن المكتوبة
في الأندلس وشمال إفريقيا
ويمتاز هذا الخط باستدارة حروفه
استدارة كبيرة
وبمتحف المتروبوليتان عدة أوراق
من مصاحف مكتوبة بالخط الأندلسي
الرقعة:
يمتاز هذا النوع بأنه يكتب بسرعة وسهولة
وهو من الخطوط المعتادة
التي تكتب في معظم الدول العربية
والملاحظ فيه أن جميع حروفه مطموسة
عدا الفاء والقاف الوسطية
الفارسي:
يعد من أجمل الخطوط
التي لها طابع خاص يتميز به عن غيره
يتميز بالرشاقة في حروفه
فتبدو وكأنها تنحدر في اتجاه واحد
وتزيد من جماله الخطوط اللينة والمدورة فيه
لأنها أطوع في الرسم وأكثر مرونة
لاسيما إذا رسمت بدقة وأناقة وحسن توزيع
وقد يعمد الخطاط في استعماله إلى الزخرفة
للوصول إلى القوة في التعبير
بالإفادة من التقويسات والدوائر
فضلاً عن رشاقة الرسم
قد يربط الفنان بين حروف الكلمة الواحدة والكلمتين
ليصل إلى تأليف إطار أو خطوط منحنية وملتفة
يُظهر فيها عبقريته في الخيال والإبداع
أدوات الخَطّاط
(تحدثت عنها بعنوان قصة كتابة القرآن الكريم)
وهذه شروح إضافية من مرجع مغاربي
القلم
عميد الكتابة ورئيسها
كان يصنع عادة من البوص
أو السّعف أو الغاب أو القصب
يركب في صفيحة تسمى المقطع
حيث يثبته أخدود مرتفع لكي ما يشحذ السن
قد تكون من اللؤلؤ أو العاج أو من صدف السلحفاة
كان صاحبه يحرص دائما في النقش عليه
أما بالنسبة إلى طول القلم فيختلف حسب الاستخدام
من أهم أسماء القلم: الطومار، والجليل، والمجموع،
والمسلسل، وغُبار الحلبة، والمحدث، والمدمج، والمحقّق
قراب القلم
عبارة عن أسطوانة تصنع من العاج وغيره
وهي مصمتة إلا من تجويف مركزي ضيق
مصمم لحمل قلم بوص أو أكثر
وهو كغيره من أدوات الكتابة
يُتأنق في صناعته وزخرفته
كان الهدف منه الحفاظ علي القلم من التلف
المُدَى – سكين
تستخدم لبري القلم،
تصنع من المعدن أو الفولاذ المطعم بالذهب
تحتوي في داخلها على مدية أصغر لشق السن
كان أساطين هذه الصنعة يطبعون ختمهم على الفولاذ
لنصولهم التي كان يجب أن تكون حادة كالشفرة
المداد و المحابر
كان العرب يكتبون بمداد مجلوب من الصين
ثم أنتجته العرب من الدخان والصمغ وغيره
أما المحبرة فقد كانت تملأ بالحبر
لاستخدامه أثناء الكتابة
وكانت تصنع من الزجاج أو الخزف وغير ذلك
وكان الصانع يَتأنق في صناعتها
مستخدمًا فيها الألوان الجميلة
رغم أن استخدام لونين يقتضي مهارة فائقة
حيث يتعين نفخ كل قسم على حدة ولحامه مع الآخر
كما كانت المحبرة تعبأ بطبقات من حرير
لامتصاص الحبر
والحيلولة دون الإغراق في تشريب السن
صندوق المحبرة
صندوق أسطواني يصنع من الأبنوس أو غيره
مع ترصيعات من الفضة أو الذهب
ومهمته تثبيت المحبرة لولبيًّا في القاعدة
الرق
كان العرب يكتبون على عظام أكتاف الإبل
واللخاف (حجارة بيضاء عريضة رقيقة)
وعسيب النخل، والجلود،
وعلى ورق البردي الوافد من الصين
ثم على الورق الخرساني
الذي كان يُصنع من الكتّان
على مثال الورق الصيني
الذي كان يُصنع من الحشيش
واستخدم الخطاطون في بداية الأمر
الرق وهو جلد رقيق كانوا يكتبون عليه
ظهرت فيه الملامح الأولى لفن الكتابة الإسلامية
وظل الرق مستعملا في المغرب حتى بعد تركه
والإقبال على الورق في مناطق أخرى
وتوجد هذه الرقاق منثورة في
المتاحف العالمية والإسلامية
و(المُحقّق)